2011/10/24

الله اكبر ام اصغر .. تحت ضوضاء الشعارات !!

المشاهد البشعة لتعذيب وقتل القذافي من قبل الاسلامجية الليبيين تحت ضوضاء الله اكبر تضعنا من جديد امام كارثية مستوانا الحضاري.. وبالتالي السياسي.. ما هو اكيد ان الحياة عندنا ليس لها قيمة سواء اكان صاحب السلطة دكتاتور "جلاد" ام معارض "ضحية".. التعامل مع الاخر هي بندقية تستند الى شعار.. الكتاب الاخضر .. او الله اكبر.. سيان.. الهلوسة الشعارتية واحدة.. السلطة عندنا هي جبن اخلاقي يستند الى "بندقية".. من عبد الكريم قاسم الذي جعل من الدبابة مفردة من مفردات "الحوار السياسي" الى قوادي الدين ممن يعذبون البشر تحت ضوضاء الله اكبر.

 ما هو اكيد ايضا هو ان المشاهد البشعة لتعذيب وقتل القذافي تحت ضوضاء الله اكبر قد قزّمت الله.. ضوضاء "الله اكبر" في هذا المشهد البشع قد جعلت الله اصغر.. كلما استقرت رصاصة في راس انسان برفقة عبارة الله اكبر.. يصغر الله.. وتكبر مساحة الجريمة .. ليس هناك معجزات !!

لنكن متواضعين.. كلنا في الهمجية سواء.. ما جرى للقذافي على يد الاسلامجية الليبيين يمكن ان يحدث في اي بلد عربي.. شاهدتم كيف عامل الشيعة البحرينيين جثة الشرطي الذي سقط بين ايديهم.. تصورا اذا مصير امير البحرين لو وقع بين ايديهم.. الاسلامجية المصريون كانوا يرفعون اعمدة المشانق لمبارك في ميدان التحرير.. تصورا لو ان مبارك وقع بين ايديهم.. او بن علي بين ايادي التونسيين.. او علي عبد الله صالح بين ايادي اليمنيين!! صدام حسين نجى من طريقة قتل القذافي فقط لانه لم يقع في براثن الاسلامجية الشيعة.. هل تعرفون الان لماذا يتمنى السجناء في العراق سجّان امريكي ولا "اخ" شيعي !!  

هناك من خرج علينا مبررا المشهد البشع لقتل القذافي تحت ذريعة ان القذافي كان يقتل ويعذب.. حجة "العين بالعين"هذه تنتمي الى عقلية الثار البدائية.. نعم الثأر هي عدالة بدائية  كانت نافعة في اطر وتنظيمات بدائية.. ولكن منطق الثأر داخل تنظيم اجتماعي وسياسي معقد كالدولة هو سرطان مدمر لاسس هذه الدولة.. وعراق المليشيات المجترة لثارات السقيفة مثال صارخ في هذا الاطار.. حتى من منظور اخلاقي فان ذريعة "العين بالعين" غير مقبولة.. فعنف وجرائم الخصم لاتبرر ان نكون مجرمين مثله.. التغيير الذي يجلب للسلطة معارض يلجأ الى اساليب الحاكم السابق هو ليس تغيير.. انه انتكاسة.

L'esprit avec lequel on jugera le roi sera le même que celui avec lequel on établira la République
   
"الطريقة التي سنحكم فيها على الملك هي نفس الطريقة التي سنؤسس بها الجمهورية".. هذه الجملة هي لـ سان جوست احد رموز الثورة الفرنسية.. قالها اثناء النقاش حول مصير ملك فرنسا بعد الثورة.. لقد حُكِم على الملك بالاعدام بالمقصلة.. والجمهورية التي شيدتها الثورة الفرنسية بعد ذلك كانت جمهورية المقصلة.. التي وضعت فرنسا خلال سنوات طويلة تحت ارهاب المقصلة التي انتهت بقطع رؤوس قادة الثورة الفرنسية انفسهم.  

تاريخ العراق الحديث ايضا يؤكد هذا الدرس التاريخي.. طريقة قتل الحاكم السابق في العراق كانت دائما هي نفس الطريقة التي حُكِم بها البلد بعد ذلك.. مقتل العائلة المالكة على يد عسكر عبد الكريم قاسم شيّد جمهورية "ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة".. ومقتل عبد الكريم قاسم على يد القوميين شيد تراكميا جمهورية الاسلاك الشائكة.. اما اعدام صدام حسين تحت صيحات الثار لعائلة الصدر.. فقد اسس جمهورية المليشيات الطائفية التي تنهب وتدمر العراق اليوم.

 وبنفس المعنى فان الطريقة البشعة لتعذيب وقتل القذافي من قبل الاسلامجية الليبيين هي الطريقة التي ستشيد وتحكم "الجماهيرية الاسىلامية الليبية".. الويل لليبيا من قادم الايام.."الضحية" الذي يتبع اساليب"الجلاد" يتحول الى جلاد.. انها قصة قديمة.. ولكنها في كل مرة تختفي تحت ضوضاء الشعارات.. شيوعية مرة.. قومية اخرى.. اسلامية اخيرا.. تتغير الانظمة.. تتغير الشعارات.. الثابت الوحيد هم الغوغاء.. المجد للضوضاء!!

2011/10/08

نقد الخطاب التأويلي .. ابن العلقمي في ضيافة حزب الله


نشر محمد فضل الله مؤخرا مقالا في الاخبار يقول فيه : " بُعيد حرب 2006، نُقل أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وفي اجتماع داخلي صَرّح: «لقد غسلنا عار العراق». بغضّ النظر عن دقة النقل، إلا أنّ ذلك كان لسان حال شيعة لبنان، حين يناقشون الملف العراقي". انتهى.

ساتوقف اولا امام لغة محمد فضل الله .. فهي لغة تحتاج الى مترجم .. فجملة حسن نصر الله المفترضة " لقد غسلنا عار العراق" اذا ما تم وضعها في السياق العام لمعنى النص يجب ان تكتب هكذا:" لقد غسلنا عار الشيعة في العراق".. عار الشيعة في العراق في تمكين الاحتلال الامريكي .. وليس "عار العراق" ..اولا لان نصر الله يتكلم من منطلق كونه شيعي يحس بالعار من موقف طائفته في العراق .. ثانيا لان العراق ليس له عار .. فما فعلته المقاومة العراقية بالجيش الامريكي خلال سنة احتلال هو اهم من كل ما قام به حزب الله خلال عقود ..ولكن يبدو ان يسار الكافيار اللبناني لا يرى المقاومة الا في لبنان.. ومع ذلك فليس هنا المهم.

محمد فضل الله في هذا المقال يطلب من اللبنانيين الشيعة وخصوصا من حزب الله بان يتفهموا "عار الشيعة في العراق".. وحجته ان الليبيون قد استعانوا مؤخرا بالاجنبي ولم ينالوا من التخوين ما ناله الشيعة في العراق .. وهي حجة اثارتها ابواق شيعية كثيرة مؤخرا.. رغم ان المقارنة ليست دقيقة بين الحالتين الليبية والعراقية.. وان تلك الحجة اذا ما تم دفعها الى نهاياتها المنطقية فانها ستنقلب عليهم.

فدفع حجة محمد فضل الله الى نهاياتها المنطقية يدفعنا الى مطالبته هو وحزب الله بان يتفهموا عارعملاء اسرائيل في لبنان ويكفوا عن اعدامهم وان يتفهموا الاحتلال الاسرائيلي لجزء صغير من لبنان .. ثانيا، دفع حجة محمد فضل الله الى نهاياتها المنطقية يدفعنا الى مطالبته هو وحزب الله وايران بان يتفهموا الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين .. ويكفوا عن المتاجرة بقضية فلسطين من اجل التبشير بالمذهب الشيعي في المنطقة العربية.. ثالثا، دفع حجة محمد فضل الله الى نهاياتها المنطقية يدفعنا الى مطالبته هو وحزب الله وايران بان يتفهموا عارعملاء امريكا في المنطقة وان يتفهموا رغبة امريكا في التواجد في المنطقة .. وكفى مزايدات و"حلّوا عن طيزنا" كما يقول التعبير اللبناني!! 

بعد كل هذا يأتي محمد فضل الله ويتسائل في مقاله عن سبب ضعف الخطاب الشيعي امام الخطاب السني تاريخيا وحاضرا .. انا شخصيا لدي اجابة بسيطة وسريعة .. الخطاب الشيعي محكوم عليه بالاقلية تاريخيا وحاضرا لانه خطاب ينزع نحو تأويلية تقترب في كثير من الاحيان من حدود الكذب .. وثانيا لانه خطاب في منتهى الضدية .. والتاريخ يتجاوب مع المحكيات التوافقية .. والبشر ينزعون نحو الاعتدال.. ومقال محمد فضل الله بالذات هو نموذج للتأويلية التي تميزالخطاب الشيعي تاريخيا.. فهو يقول لك " نُقل أنّ الأمين العام لحزب الله صرح... " ثم يردفها بجملة "بغضّ النظر عن دقة النقل فان شيعة لبنان يفكرون كذا وكذا" .. اي ان ما هي رواية غير موثوقة وربما هي رغبة من خيالات الكاتب تتحول بتعميم قسري الى حدث ثم الى حقيقة تاريخية !!  

باختصار .. محمد فضل الله يريد ان يقنعنا وعبر خطاب تأويلي قاسر للاحداث بأن حزب الله لايؤيد الاحزاب الشيعية في العراق .. وانه غير طائفي في مواقفه .. لِيسار الكافيار اللبناني .. ولعبد الباري عطوان .. ولمشاهدي قناة المنار ان يصدقوا ذلك .. اما نحن فلا نصدق الخطابات التأويلية .. موقف حزب الله الاخير من احداث سوريا واحداث البحرين لا يدع اي مجال للشك بطائفية حزب الله .. حزب الله الذي نظم يوم امس في بيروت مؤتمر لدعم الشيعة في البحرين .. والادهى انه دعى لهذا المؤتمر احمد الجلبي عراب الاحتلال واحد المسؤولين عن "عار الشيعة في العراق" .. وقد نقلت قناة المنار فعاليات المؤتمر وكلمة الجلبي بالمباشر .. ومحمد فضل الله يقول لنا ان حسن نصر الله، في اجتماع داخلي صَرّح وبُعيد حرب 2006 : «لقد غسلنا عار الشيعة في العراق»!! فمن نصدق  الخطابات التأويلية ام الوقائع ؟؟

 مهمة حسن نصر الله في الايام القادمة ستكون صعبة ..خصوصا بعد استضافته "لابن العلقمي" بالامس .. فهو لا يحتاج فقط لغسل عار الشيعة في العراق .. ولكنه سيحتاج لكل ماء البحر لغسل عار الشيعة في لبنان !!